تفوق نموذج 3 Gemini الذي تطوره جوجل على ChatGPT وغيره من المنافسين بعد إصداره، هذا الأسبوع، ليصبح روبوت الدردشة بالذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة، وفقاً لاختبارات معايير الصناعة المتعارف عليها، حسبما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وتمثل هذه النتائج إقراراً عاماً بنجاح مهندسي جوجل الذين أجروا، على مدى أشهر، اختباراتهم الشخصية على النموذج، وخرجوا مقتنعين بأن لديهم روبوتاً متوفقاً في المجال على باقي المنافسين.
وفي أحد الاختبارات، طلبت تولسي دوشي، المديرة الأولى لإدارة المنتجات في Gemini، من النموذج، الكتابة باللغة الغوجاراتية، وهي لغة شائعة في الهند ولكنها غير شائعة على الإنترنت. وكانت النتائج أفضل بكثير مما حصلت عليه من النماذج السابقة.
وحصل آرون ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة إدارة المحتوى السحابي “بوكس”، على وصول مبكر إلى Gemini 3 أواخر الأسبوع الماضي، قبل أيام قليلة من إطلاقه. وأجرت الشركة تقييماتها الخاصة للنموذج خلال عطلة نهاية الأسبوع لمعرفة مدى قدرته على تحليل مجموعات كبيرة من البيانات المعقدة.
وقال: “في البداية، اضطررنا إلى التوقف قليلاً والتفكير: حسناً، هل أخطأنا في تقييمنا؟ لأن الفارق كان كبيراً جداً”، وأضاف: “ولكن في كل مرة اختبرناه فيها، كان يتقدم بفارق كبير”.
جوجل إلى صدارة سباق الذكاء الاصطناعي
ومنح إطلاق Gemini 3، شركة جوجل نصراً كان بعيد المنال: فقد تقدمت الشركة، لأول مرة منذ سنوات، بشكل ملحوظ في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي.
وأبهر إصدار أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي هذا الأسبوع المستخدمين الذين أشادوا بذكائه ودقته وقدراته الإبداعية. أعلنت الشركة يوم الخميس أن Gemini 3 سيدعم إصداراً جديداً من “نانو بانانا”، وهي أداة شائعة لتوليد الصور، وقد حققت بالفعل نمواً سريعاً في استخدام Gemini هذا العام.
ويُمثل نجاح النموذج الجديد تحدياً كبيراً لشركتي OpenAI وAnthropic وغيرهما من الشركات الناشئة التي تتنافس على الهيمنة على الذكاء الاصطناعي. وقد تفوق Gemini 3 على النماذج المنافسة في أكثر من اثني عشر اختباراً معيارياً.
وقال مايكل ناثانسون، المحلل في شركة MoffettNathanson: “إنهم رواد في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا واضح تماماً”. وأضاف: “أشعر بالرضا التام عن أدائهم في الوقت الحالي”.
لا يزال ChatGPT من OpenAI هو روبوت الدردشة الأكثر شيوعاً في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد أعلنت الشركة هذا الشهر أن لديها الآن 800 مليون مستخدم أسبوعياً، مقارنةً بـ 650 مليون مستخدم شهرياً لـ Gemini.
ويُعتبر كلود من Anthropic على نطاق واسع أحد النماذج الرائدة في البرمجة. لكن المستخدمين والمحللين يقولون إن تطورات Gemini 3 قد تساعده على ترسيخ نفسه كأداة مفضلة لمجموعة متنوعة من المهام.
تطور على حساب محرك البحث؟
وتسعى جوجل جاهدةً لتحقيق أفضلية في سباق الذكاء الاصطناعي منذ إطلاق ChatGPT قبل ثلاث سنوات، مما أثار مخاوف المستثمرين من أن محرك البحث الشهير للشركة سيفقد عدداً كبيراً من الزيارات لصالح روبوتات الدردشة. وقد كافحت الشركة لأشهر لتحقيق هذا النجاح.
ويقول الموظفون، إن الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي ومسؤولين تنفيذيين آخرين عملوا منذ ذلك الحين على إصلاح استراتيجية الشركة لتطوير الذكاء الاصطناعي من خلال تفكيك الحواجز الداخلية، وتبسيط القيادة، وتوحيد العمل على نماذجها. استأنف سيرجي برين، أحد مؤسسي جوجل، دوره اليومي في الشركة للمساعدة في الإشراف على جهود تطوير الذكاء الاصطناعي.
خلال مؤتمرها السنوي للمطورين في مايو الماضي، كشفت جوجل عن مجموعة من منتجات الذكاء الاصطناعي المتطورة ونسخة مُحدثة من محرك البحث الكلاسيكي الخاص بها، تتضمن وضع الذكاء الاصطناعي AI Mode، الذي يُجيب على استفسارات البحث بأسلوب روبوت الدردشة.
وقال ناثانسون، إن ذلك ساعد بعض المستثمرين على اكتساب الثقة بأن الشركة تُخطط للعودة، لكن سعر السهم لا يزال ضعيفاً هذا الصيف.
وأضاف: “كانت وول ستريت تناقش ما إذا كان هؤلاء الأشخاص سيصبحون ضحايا الذكاء الاصطناعي”.
ثم في أغسطس، دفع إطلاق “نانو بانانا” نموذج Gemini نحو أسرع مسار له حتى الآن. إذ قفز عدد مستخدمي Gemini الشهري من 450 مليون في يوليو إلى 650 مليوناً.
كما حققت الشركة انتصاراً كبيراً في سبتمبر، عندما رفض قاضٍ فيدرالي فرض عقوبات صارمة على الشركة بعد أن وجد سابقاً أنها فرضت احتكاراً غير قانوني في سوق البحث. وقال القاضي إن الديناميكيات التنافسية للسوق تتغير بالفعل، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى الذكاء الاصطناعي.
تفوق في الاختبارات
أعلنت شركة ألفابت، الشركة الأم لجوجل، عن إيرادات ربع سنوية قياسية الشهر الماضي، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى نمو الحوسبة السحابية والإعلانات. وارتفعت أسهمها بأكثر من 50% هذا العام وأكثر من 60% منذ الصيف. وبلغت قيمتها السوقية هذا الأسبوع 3.6 تريليون دولار، متجاوزة قيمة مايكروسوفت لأول مرة منذ سبع سنوات.
وسعت جوجل إلى تطوير Gemini 3 لينجح في بعضٍ من أكثر مجالات الذكاء الاصطناعي تحدياً.
وسعى مهندسو الشركة وباحثوها إلى تحسين قدرة هذا النموذج على “رؤية” وتحليل وتوليد جميع أشكال المحتوى – النصوص والصور والصوت والفيديو والترميز. كما سعوا إلى تحسين قدرته على التفكير والاستدلال بهدف بناء مساعد شخصي أفضل في البرمجة وغيرها من المهام.
وبعد الإطلاق، انتشر على نطاق واسع جدولٌ يُظهر نتيجة Gemini 3 في 20 اختباراً معيارياً. وتفوق النموذج بشكل ملحوظ على أحدث نسخ ChatGPT وAnthropic في اختبارات تتضمن معرفةً بمستوى الخبراء، وألغازاً منطقية، ومسائل رياضية، والتعرف على الصور. كما احتل المركز الثاني بعد كلود سونيت 4.5 من Anthropic في اختبار معياري واحد يتعلق بالبرمجة.
وأجرت جوجل بعض الاختبارات داخلياً، بينما أجرت شركات أخرى البقية. وأمضى الموظفون عطلة نهاية الأسبوع التي سبقت الإطلاق في انتظار الحصول على النتائج، والتي كان بعضها أعلى بكثير من المتوقع.
وقالت دوشي، إن المفاجأة الأبرز كانت الأداء العالي لـ Gemini 3 في تقييم يُسمى Vending Bench، والذي يختبر قدرة النموذج على التفكير والتصرف بمرور الوقت من خلال تكليفه بتشغيل آلة بيع. يجب على النموذج تتبع المخزون وتقديم الطلبات وتحديد الأسعار لتحقيق الربح من المحاكاة.
وأضافت: “يعكس Vending Bench أحد الجوانب التي كنا نأمل في إحداث تغيير حقيقي فيها مع هذا النموذج والمضي قدماً فيه، وهو تحسين استخدام الأدوات وتحسين التخطيط”.
وكجزء من عملية الإطلاق، بدأت جوجل في منح المشتركين فرصة استخدام Gemini 3 في وضع الذكاء الاصطناعي، وهي المرة الأولى التي تدمج فيها الشركة نموذجاً جديداً في البحث منذ اليوم الأول. وتخطط الشركة لإتاحته قريباً للجميع في الولايات المتحدة.
