أكد معالي فيصل الإبراهيم، وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، اليوم، خلال (ملتقى الميزانية السعودية 2026)، أن المملكة دخلت فعليًا مرحلة جديدة في مسار تحولها الاقتصادي، سيكون الذكاء الاصطناعي فيها هو المحرك الأكبر للنمو غير النفطي في السنوات المقبلة.
ولا تمثل هذه الرؤية مجرد توجه تقني، بل تشكّل إعادة صياغة شاملة لملامح الاقتصاد الوطني، وبناء منظومة إنتاج جديدة تقف فيها البيانات والخوارزميات بجانب الطاقة والبنية التحتية، لتؤسس لاقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة.
هيوماين.. “أرامكو” المستقبل في عالم الذكاء الاصطناعي:

أوضح معالي فيصل الإبراهيم، خلال مشاركته في ملتقى الميزانية السعودية 2026، أن دو الذكاء الاصطناعي لن يقتصر على تعزيز الإنتاجية فحسب، بل سيؤدي دورًا أساسيًا في تعظيم العوائد الاقتصادية والمالية من الاستثمارات، وجذب المواهب العالمية والشركات التقنية الكبرى إلى المملكة، مما يحولها إلى مركز إقليمي وعالمي للابتكار.
وأكد معاليه أن هذه التقنيات ستجد تطبيقات واسعة في الطاقة والرعاية الصحية، مشيرًا إلى أن شركات سعودية مثل: (هيوماين) Humain، تستعد لأداء دور ريادي في الاقتصاد المستقبلي، على غرار المكانة التي شغلتها (أرامكو) في قطاع الطاقة.
ولقد تأسست شركة (هيوماين)، في مايو 2025، وتتولى قيادة جهود المملكة لتصبح قوة عالمية عظمى في الذكاء الاصطناعي وتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط. وتحظى الشركة بدعم إستراتيجي من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي تتجاوز قيمته تريليون دولار، ومن أرامكو السعودية.
فقد استحوذت شركة أرامكو، خلال شهر أكتوبر 2025، على حصة أقلية مؤثرة في شركة (هيوماين)، بهدف تمكين التوسع السريع لعمليات (هيوماين) وتعزيز مكانة المملكة بصفتها مركزًا عالميًا تنافسيًا لتقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي.
وتتطلع شركة (هيوماين) إلى جعل المملكة ثالث أكبر دولة في العالم في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بعد الولايات المتحدة والصين، وذلك وفق تصريحات سابقة لطارق أمين، الرئيس التنفيذي للشركة.
ويعكس هذا الطموح توجهًا واضحًا نحو بناء اقتصاد يعتمد على النماذج اللغوية الكبيرة، ومراكز البيانات الفائقة القدرات، والمواهب العالمية، التي تعمل على تطوير منتجات ذكاء اصطناعي قادرة على خدمة الأسواق الإقليمية والدولية.
التحول المؤسسي واستشراف التحديات:
أكد معالي الإبراهيم أن التحول لا يقتصر على الاستثمار في التقنية فقط، بل يمتد ليشمل تطوير القدرات المؤسسية للحكومة لضمان استدامة النمو ورفع الجاهزية وتعزيز القدرة على اتخاذ قرارات استباقية ووقائية في مواجهة أي تحديات اقتصادية مستقبلية.
ومن أبرز الخطوات التي تجسد هذه الإستراتيجية الاستباقية، إنشاء وحدة متخصصة في وزارة الاقتصاد، لرصد تغيرات العرض والطلب في السلع والخدمات وتتبعها، وربطها بنحو مباشر بمؤشرات التضخم، ومن ثم اقتراح تدخلات احترازية مبكرة.
وأكد معاليه أن الاقتصاد غير النفطي سجل نموًا تراكميًا تجاوز 30% منذ عام 2016، وهو ما يتفوق على معدلات نمو اقتصادات متقدمة لم تتجاوز 20% خلال المدة ذاتها، مما يعكس قوة التحول الهيكلي.
